تزفّ إليكم شبكة شام مراسلها في حماة الشهيد عبدالكريم العقدة , الذي استشهد اليوم في اقتحام حيّ الأربعين بحماة ... حرقاً .. مع ثلاثةٍ من رفاقه
المصوّر البطل عبدالكريم العقدة , المعروف بـ " أبو حسن " أو " كرمو " ... و الآن " الشهيد "
أبو حسن , كنّا نسمّيه "رجل المخاطر في حماة " , لم يُطلب إليه يوماً تصوير أيّ فيديو مهما كان خطراً و يهدّد حياتَه و رفض , بالعكس كان هو من يبحث عن مكان الخطر قريباً من القصف و الاقتحامات و الشبيحة ليصوّر فيه و ينقل الحقيقة , كان يتمنّى الشهادة , كما يعرف كلّ رفاقِه , بما فيهم رفاقه الذين يعانقهم الآن في السماء .
كان قد كتب على صفحته : لا شيئ في الكون يستطيع إخفاء الحقائق ,,, فمهما تم طمسها,,, لا بد من أن تنتفض من تحت الرماد
ابو حسن ,,, عين على الحقيقه
1252 عدد الفيديوهات المحمّلة على قناته في اليوتيوب , و عدد المرّات التي كان ينتقم فيها للشهداء بشقّ طريق الحقيقة نحو العدالة , و عدد المرّات التي أمسك فيها الكاميرا و هو يهمس : يا ربّ الشهادة , و عدد المرّات التي أمسك فيها التاريخ كيلا يضيع و كيلا ننسى ... و لن ننسى
عمره 26 عاماً زوجته معتقلة من قبل عصابات الاسد و أخوه كذلك , تمّ إحراق بيته وبيتِ أخيه , أخوه معتقل منذ اجتياح حماة في رمضان ماقبل الماضي وابناء أخته آل العريب السليم قَضَوا في مجزرةٍ كاملةٍ في ريف حماة ذبحاً بالسكاكين منذ شهور ...
اليوم , في حيّ مشاع الأربعين , حين كان أبو حسن و رفاقُه : نضال بكور و حمزة بكور و باسل كنان , مستعدّين لبدء يومٍ جديد من الثورة و مجابهة العدم بالإيمان , كانت قوّات من عصابة الغدر تطوّق المنزل الذي هم فيه .... قُتلوا أربعتهم ... ثمّ حُرق المنزل عليهم ... و كانت حماة تجدّد حزنَها الذي لم يجفّ كنهرٍ طويل من الدم و الدموع و الأمل ... و كانت سوريا كأمّ حزينة تجهّز نفسها لتوديع مسيرةٍ أخرى من الأبناء نحو السماء , و هي تعرف أنّ كلّ يومٍ ستعيشه في الغد المشرق الآتي رغماً عن كلّ رصاصة و قذيفة و مجزرة , سيكون بما عرفتْه من بطولاتهم أو سمعتْه من أصواتِهم أو شربتْه من دمِهم ..
كانت الثورة منذ اليوم الأوّل تفجّرَ الحقيقةِ في وجه الكذب , و الأخلاق في وجهِ الوحل , و الكرامةِ في وجه المذلّة , و الهتاف في وجه الخَرَس , و الإنسان في وجه الوثن و كان لها جنودٌ كثيرون , منهم من يستحقّ أن تسمّى مدنٌ حول العالم بأسمائهم لا ساحات فقط , و كثيرون كثيرون من لم يعرفهم و لم يعرف ما قدّموه إلّا رفاقُهم و غابوا عن الشاشات و عن صفحاتِنا و عن صحف المؤرّخين ... لكنّهم اكتفوا بما يهمّهم : عرفتهم ذاكرة الثورة جيّداً