إنَّ القلبَ يَمرض كما يَمرض الجسد، فقد قال سبحانه:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}[البقرة:10]، وفي الحديث: (إنَّ العبد إذا أذنب ذنبًا كانت نكتة سوداء في قلبِه، فإنْ هو تاب ونَزَعَ صقل قلبُه، فإن عاد عادت حتى يَسْوَدَ قلبه، فذلك الران الذي قال الله عنه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين:14])
ومَرَضُ القلبِ أخطرُ من مَرَضِ الجسد، ولكنك تَرى الواحد مِن الناس إذا مَرِضَ جِسْمُه بادَرَ إلى الطبيب في المستشفى لعلاجه، وفي المقابل يمرض قلبُه ويَكْلم وهو لا يحسُّ به، ولا يتألم من وجعه ولا يعالجه. ولربما كنتَ تعاني من قلبك مرضا وأنت لا تشعر، فاكشف أولا على قلبك وحدد مقياس الصحة فيه، ثم إذا أردت أن تبحث لقلبك عن علاج -ولا بد- فها هو القرآن يناديك، ففيه شفاء لما في الصدور، من الشك في الآخرة، والتكذيب بالغيب، والجحود لرب العالمين ... قال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء:82]، وروي في الحديث: (إنَّ القلوبَ تَصْدَأُ كما يَصْدَأُ الحديدُ، وجلاؤُها كثرةُ تلاوةِ كتابِ اللهِ تعالى، وكثرةُ الذكرِ لله -عز وجل-) [رواه: ابن شاهين في الترغيب في الذكر، انظر: كنز العمال 2/ 241]، يشفيه بمادة الموعظة والنصيحة، فكلما سمعت منه عظة كانت كالدواء تنزل على قلبك، كلما سمعت منه نداء كان كالبلسم يلامس جرح قلبك: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: 57].
[المصدر: كتاب "أمراض القلوب وشفاؤها" لعبد الله بن جار الله ص5 - بتصرف