متابعة الموضوع بالكامل لتجاوز مرحلة القافيه والوزن بكل سهوله ويسر . *** الشعر عندما ننظر إليه بنظره صادقه , نجد أنه ليس مجرد كلام وحسب وإنما هو إبداع وتصوير للمشاعر في حالات الغضب والفرح والحزن .... الخ ولكي نقول عن أي كلمات مكتوبه أنها شعر يجب أن تتوافر فيها أركان ثلاثه 1- القافيه 2- الوزن 3- المعنى أولاً القصيده الشعريه تتكون من أبيات شعريه يسمى البيت الأول فيها ( مطلع القصيده ) والبيت يتكون من شطرين يسمى الاول فيها ( الصدر ) ويسمى الثاني ( العجز ) على سبيل المثال
وش تنتظر يا محرق القلب بالنار ( صدر البيت ) //// ما تستلم روحي وتقضي عليها ( عجز البيت )
وبما أن هذا البيت هو البيت الأول في القصيده فإنه يسمى مطلع القصيده
نعود الآن لأركان القصيده أولاً 1- القافيه : يقصد بقافية القصيده آخر حرفين أو ثلاثة أحرف أو الحرف الأخير في البيت الشعري , وقد يسأل أحدنا هل المفترض أن تكون القافيه ثلاثة أحرف أم إثنان أم حرف واحد , وللإجابه على هذا السؤال نقول أن القصد من الإلتزام بقافيه ثابته في القصيده هو إعطاء رنّه موسيقيه متناغمه في كل أبيات القصيده ولذلك فإننا نلتزم بحرف واحد في القافيه في حالات قليله جداً وهي أن يكون الحرف الأخير في القافيه حرفاً ساكناً ومثال ذلك كلمات ( عتبْ , هدبْ , غضبْ ,,, الخ ) نلاحظ أن هذه الكلمات تنتهي جميعها بحرف الباء مع إختلاف الحرف السابق له ومع ذلك فإنه يصح للشاعر أن يجعل قافية القصيده متوقفه على حرف الباء ومثال ذلك
مال غصن الليل وارخى للفجر عين وهدب //// واستباح اقصى طموحاتي وقيّد معصمي يا ضياع الحلم قلّي وش توالي هــ التعب //// ما بقى للياس نزف الا تخالط مع دمي
نلاحظ هنا أن قافية الصدر هي حرف الباء فقط , واكتفينا به لإننا عندما نقراء البيت نلحظ جرساً موسيقياً قوياً لدى نطقنا لحرف الباء , أما قافية العجز فنلاحظ أنها مكونه من حرفين هي الميم والياء في كلمتي ( معصمي , دمي ) فلو إفترضنا أننا إستبدلنا كلمة ( دمي ) ووضعنا بدلاً منها كلمة ( شراييني ) لأصبحت البيتين كالتالي :
مال غصن الليل وارخى للفجر عين وهدب //// واستباح اقصى طموحاتي وقيّد معصمي يا ضياع الحلم قلّي وش توالي هــ التعب //// ما بقى للياس نزف الا تخالط مع شراييني
نلاحظ هنا وعند قرائتنا للبيتين إلى خلل موسيقي واضح بين كلمة ( معصمي ) وكلمة ( شراييني ) , ونستنتج من هذا أن حرف الياء هنا لايمكن أن يكون قافيه لوحده ولذلك تم ربط القافيه بحرفين هما الميم والياء . ومن الحروف الساكنه التي يمكن أن تكون قافية ثابته بدون الإستعانه بحرف يسبقها حرف الدال الساكن ومثاله ( وعد , فهد , حمد ..... الخ ) وكذلك حرف الراء عندما يكون ساكناً ( قهر , مطر , سحر ....) الخ ومن هذا نستنتج أن حروفاً كثيره يمكن أن تكون قافيه لوحدها ولكن بشرط أن يكون الحرف ساكناً الحاله الثانيه التي تجعلنا نعتمد على حرف واحد في القافيه هم عندما يكون الحرف الأخير في الشطر مشدداً لأن الشدّه تعطي جرساً موسيقياً عالياً كما لو كنا ننطق الحرف مرتين ومثال ذلك ( تهتزّ , يبتزّ , العزّ .... الخ ) فحرف الزاء هنا جاءت عليه شدّه ولذلك كانت الموسيقى عاليه وللتدليل أكثر نقول :
قلبي اذا ما حل طاريك يهتزّ ////واحس بانفاسك وروعة حنانك مدري ولكن لازم آقوم وافزّ //// وامشي بقلبي لين اجي في مكانك
نلاحظ هنا أن قافية الصدر كانت على حرف الزاء المشدد ومع ذلك نجد أن الموسيقى لم تتأثر والسبب في ذلك يعود بالطبع إلى وجود الشدّه , كما نلاحظ هنا أن قافية العجز من ثلاثة أحرف وليست حرفين ( حنانك , مكانك ) وهي أحرف الألف والنون والكاف , وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال ألا وهو : لماذا إلتزمنا هنا بثلاثة أحرف وليس حرفين أو حرف واحد ؟؟؟ وللإجابه على هذا السؤال نستحضر كلمات تنتهي بحرفي النون والكاف ( عيونك , زينك , حسنك .....الخ ) لنجرب هنا أن ننطق كلمة حنانك , مكانك , عشانك , زمانك , عيونك !!! سنلاحظ أن الموسيقى في الكلمه الأخيره جاءت مختلفه ونشازاً عن باقي الكلمات ولذلك كان واجباً علينا أن نلتزم بثلاثة أحرف بدلاً من حرفين
بما أننا تطرقنا إلى مسألة الموسيقى وأن القافيه يجب أن تكون بنفس النغمه الموسيقيه الطارقه للأذن فإننا نستنتج أن القافيه سماعيه وليست كتابيه
فمثلاً مفردات مثل ( مدرسه , حوسه , جلسه , إحساسه .....الخ ) جميعها تنتهي بحرفي السين والهاء ولكنها لاتعتبر قافيه واحده لإنعدام الجرس الموسيقي فيما بينها , هذا من ناحيه , الناحيه الأخرى هناك حروف أساسيه في المفرده سواء كانت إسماً أو فعلاً وهناك حروف زائده على الكلمه مثال ذلك شعرياً
سلام يا خالد حميد الذيابي //// يا الشاعر المعروف في كل الاوطان باعاتبك عساك تسمع عتابي //// واعطيك علمٍ يرجح بكل ميزان وراك تزهد في سنين الشبابي //// خليتني واقفيت لفلان وفلان
نجد هنا أن قافية الصدر كانت مرتبطه بثلاثة أحرف هي الألف والباء والياء ( الذيابي , عتابي , الشبابي ) وبنظره دقيقه على هذه الكلمات نلاحظ التالي كلمة الذيابي جميع حروفها أساسيه في الكلمه من الفها الى يائها , أما كلمة عتابي فنجد أن أساس الكلمه هو عتاب والياء ضمير يعود للشاعر كاتب الابيات ولكن حذف الياء يجعل المعنى ناقصاً عندما أقول باعاتبك عساك تسمع عتاب ... لأنه قد يتوارد سؤال هنا عساك تسمع عتاب من؟؟؟؟ فجاءت الياء لتوضح أن العتاب صادر من الشاعر وليس من غيره أما كلمة الشبابي فنلاحظ أن أصل الكلمه هو ( الشباب ) والياء هنا زائده لكي يكون وزن البيت سليماً والقافيه كذلك والدليل على ذلك أننا عندما نقول وراك تزهد في سنين الشباب يكون المعنى واضحاً ومفهوماً ولكن أضفنا حرف الياء من أجل الوزن والقافيه فقط وهذا ما يعتبر خطأ في القافيه .... ولكن كثير من الشعراء خصوصاً القدامى منهم كانوا لا يرون بأساً فيه ولذلك نجد قصائد كثيره تحتوي على هذا الخطأ بين الشعراء القديم منهم والمعاصر
وعوداً على مسألة الموسيقى في القافيه نقول أيضاً عندما تكون القافيه مشدده ( المعزّه , حزّه , رزّه , كزّه .... الخ ) لايصح أن نستخدم معها كلمات مثل ( ركزه , فرزه , غرزه ....الخ ) لأن الأصل هو تناغم الموسيقى وليس الكتابه
فعندما يقول الشاعر
يا صاحبي والله يا لك معزّه /// في وسط قلبي والمخاليق تدري رمحك بوسط القلب يا زين ركزه //// يا زين ركز الرمح في وسط صدري
نجد أن قافية الصدر كانت ( معزّه , ركزه ) وجميعها تنتهي بحرف الزاء والهاء ولكن تعتبر القافيه هنا خطأ , ولتوضيح السبب نقول أن القافيه في كلمة معزّه كانت ثلاثيه لأن الشدّه بمثابة الحرف ( م ع ز ز ه ,,, ر ك ز ه ) , ونلاحظ في قافية العجز ( تدري , صدري ) أن القافيه كانت ثلاثيه وهي أحرف الدال والراء والياء وهو إلتزام سليم ولا يدخل في قاعدة ( لزوم ما لايلزم ) والسبب في ذلك أننا نستطيع أن نجد قوافي عديده تلتزم بهذه الأحرف الثلاثه ( قدري , صدري , بدري , تدري , غدري , حدري .... الخ ) فإذا كانت القصيده لاتتجاز ابياتها ستة ابيات مثلاً يكون من الأولى أن التزم بهذه الأحرف الثلاثه , ولكن عندما تكون القصيده 15 بيت مثلاً عندها لايمكنني أن ألتزم بحرف الدال ويحوز لي حينها أن أكتفي بحرفي الراء والياء لتصبح القافيه ( صدري , كبري , عذري .......الخ )
ومن المصطلحات التي نسمعها في القافيه ما يسمى ( عسر القاف ) والمقصود بهذا المصطلح أن يغصب الشاعر المفرده لكي تتماشى مع القافيه وهو خطأ واضح وصريح والمثال عليه شعرياً عندما نقول
يا صاحبي صاحبك هالوقت وان عاش //// بتشوف وش يقدر بنفسه يسوّي خربشني المجمول عقبك تخرباش //// الله يحوسه حاس أرضي وجوّي
نلاحظ هنا أن قافية الصدر ( عاش , تخرباش ) متناغمه موسيقياً في النطق لحرفي الألف والشين ولكن ما معنى كلمة ( تخرباش ) ؟؟؟؟ نفهم من هذا أن الشاعر أجبر نفسه على إيراد هذه الكلمه لكي يكتب على هذه القافيه التي قد تبدو صعبة على البعض ولكنه أضعف قصيدته بها وهو لا يعلم .
يختلف بعض الشعراء في طريقة كتابتهم لقصائدهم , فالبعض منهم يختار قافية القصيده بحرص وعنايه , والبعض الآخر لايلقي لها بالاً , ولكن من المؤكد أن الكتابه على قافيه جميله وسلسه وحتى لو كانت من القوافي الصعبه يعتبر أمراً جميلاً خصوصاً إذا كان هناك تناغم بين قافية الصدر والعجز , فهو مما يزيد القصيده جمالاً ولكنه في نفس الوقت إذا لم يوجد لا يعتبر عيباً في القافيه .. ومثال ذلك شعرياً
طفلة النور والصبح وحديث السحاب//// أم الاحلام ست الكل كل القلوب
نلاحظ هنا أن قافية الصدر ( السحاب ) الألف والباء وقافية العجز ( القلوب ) الواو والباء , أعطت تناغماً موسيقياً جميلاً مع إختلاف حرف المد ( الألف في الصدر والواو في العجز )
يقول خالد الفيصل في واحده من أشهر قصائده
تدلل علينا يا شبيه الظبي وش عاد /// تدلل ولك بــ امر الهوى شافعٍ عندي
نلاحظ هنا أيضاً وجود تناغم موسيقي بين قافية الصدر ( الألف والدال ) وقافية العجز ( الدال والياء )
ويقول البدر
في دربكم يا راحلينٍ مناكيف //// تالي ليال القيظ واول خريفه ردوا سلام اهل القلوب المواليف /// على الوليف اللي نشد عن وليفه ردوه لعذوق النخيل المهانيف /// وعلى القصور اللي بوادي حنيفه دارٍ لها بالقلب عشق وتكاليف //// ويا عل عينٍ ما هوتها كفيفه
نلاحظ هنا ومن خلال هذه الأبيات الأربعه مهارة البدر في إختيار قافيتي الصدر والعجز مع ملاحظة حرف المد ( الألف ) في قافية الصدر ( منـاكيف / مواليف / مهانيف ) وعدم وجوده في قافية العجز لتكون القافيه موسيقيه من الدرجه الأولى
نعود هنا إلى نقطه أخرى في تناغم قافية الصدر والعجز وخطأ شائع لدى بعض الشعراء وهو الإعتماد على حرف مد واحد في قافية الصدر والعجز ومثال ذلك عندما نقول
يا صاحبي لا يا بعد كل الاحباب ////من يوم حبيتك تناسيت الاحزان إن قلت طاب الجرح والله ما طاب //// وان قلت انا فرحان مانيب فرحان
نلاحظ هنا أن قافية الصدر ( الألف والباء ) تختلف عن قافية العجز ( الألف والنون ) ولكن إستخدام حرف المد الألف فيهما أحدث نشازاً في موسيقى القافيه ونلاحظ الفرق عندما نقول
يا صاحبي لا يابعد كل الاحباب /// من يوم حبيتك تناسيت حزني
فهنا إختفى النشاز في موسيقى القافيه ولكنه لم يصل لدرجة الجمال كما في أبيات البدر
إذن نستنتج من هذا أن وجود حرف المد نفسه ( سواء كان الألف أو الياء أو الواو ) في قافية الصدر والعجز في آن واحد يجعل موسيقى القافيه ضعيفاً إلى أبعد مدى كما في هذا البيت التالي
هكذا الدنيا وذا طبع الزمان /// ساعةٍ راحه وساعات ارتحال
ومن الخطأ بمكان أيضاً الإعتماد على قافيه ساكنه في الصدر والعجز في نفس الوقت كما في هذا البيت
كم مرةٍ جيت اتكلّم وهوّنت //// إتصدق اني من غلاك استحي منك !!
نلاحظ هنا أن القافيه قتلت جمال البيت تماماً وهذا بلا شك يحسب على الشاعر ولا يحسب له .
وكما قلنا في الأخطاء المتكرره في القافيه أن يكون الصدر والعجز ساكنين , لاينبغي أيضاً أن تكون قافية الصدر والعجز مشدّده لأن ذلك يكون ضعيفاً موسيقياً ومثال ذلك :
يا تل قلبي يا هل المعرفه تلّ //// يتلّه اللي فالمحبه تشدّد
ويمكننا ملاحظة إرتفاع وتيرة الموسيقى في البيت عندما نقول :
يا تل قلبي يا هل المعرفه تلّ //// يتلّه اللي فالمحبه يتلّه
لأن الهاء الساكنه في كلمة يتله أعطت سكوناً واضحاً بعد القافيه المشدده في صدر البيت . ومن الأمور التي يعتبرها البعض جماليه في القافيه وهي تعتبر في واقع الحال ضعفاً لدى الشاعر إستخدام قافيه مصطنعه ومثال ذلك:
يا وجد حالي لو حصل شوف لميا //// في غفلة الحساد واهل النميمه قلبي بحر والشوق فيه ارتطميا //// تبي تمشيها علينا ؟ ... قديمه
فتلاحظ هنا في قافية الصدر ( لميا , إرتطميا ) أن القافيه مبنيه على ثلاثة أحرف هي الميم والياء والألف , ولكن نلاحظ في كلمة ( ارتطميا ) أن حرفي الياء والألف لا لزوم لهما في معنى البيت وليسا من المفردات المتداوله ولكن أجبرت الشاعر القافيه أن يضيفهما على حرف الميم ومثل ذلك ( انقسميا , انهزميا ..... الخ ) فهي قافيه مصطنعه وركيكه جداً وتدل على ضعف الشاعر وفقره لغوياً . ومن الأمور التي يخطيء فيها بعض الشعراء عدم ملاحظة موسيقى الأحرف السابقه للقافيه أو الحرف الأول في القافيه ومثال ذلك
يا صاحبي وش فيك تو ابتدى الدرس /// درس المحبه تونا مبتدينه ما صار لي يومين ... وش دخّل العرس //// خل العلاقه لين تصبح متينه
نلاحظ هنا أن قافية الصدر ( الدرس , العرس ) وإن تقاربت لفظياً إلا أن نطقنا لحرفي الدال والراء في كلمة ( الدرس ) يختلف تماماً عن نطقنا لحرفي العين والراء في كلمة ( العرس ). ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الشعراء أيضاً في القوافي نطق الألف هاء والهاء ألفاً في بعض القصائد ومثال ذلك :
ليت الليالي تجمع اللي تفرّق //// دام البحر لازال فوقه سفينه غرّبت انا والزين أبعد وشرّق //// ومابه بحر موجود من دون مينه
نلاحظ هنا أن قافية العجز ( سفينه , مينه ) وكأن الشاعر هنا يقصد كلمة مينا ولكن لأجل القافيه ينطق الألف هاء وهي قافيه غير صحيحه حتى وإن تعذّر البعض بإختلاف اللهجات
كما تطرقت في موضوع سابق بأن القافيه تعتمد على الموسيقى قبل كل شيء أعيد هذا الكلام مرة أخرى في سياق الحديث عن اللهجات العاميه وتأثيرها على القافيه , ولربما يكون أوضح ما نتحدث عنه في هذا الموضوع هو الكلمات التي تنطق بغير أحرفها المكتوبه ومثال ذلك في المناطق الشرقيه من جزيرة العرب حيث يستبدل حرف القاف بالجيم فمثلاً كلمة رفيق تنطق رفيج ولكن كتابتها الصحيحه رفيق وهذا الأمر يدخلنا في مأزق كبير ألا وهو على تعتبر هذه القافيه سليمه أم لا , وسوف يكون حديثي هنا من وجهة نظر شخصيه بحته وهو أن إستخدام حرف الجيم بدلاً من القاف في قافية القصيده قد يكون مقبولاً من الشعراء القدامى إذا ما علمنا أن غالبيتهم من الأميين ولكني لا أجد عذراً للشاعر المتعلم الذي يعرف أن كلمة رفيق هي الكلمه الصحيحه ويبدلها الى رفيج لكي تتماشى مع القافيه . نجد أيضاً بالحديث عن اللهجات وتأثير ذلك على القافيه إستخدام بعض القبائل لحرف الشين عند مخاطبة الأنثى بدلاً من حرف الكاف فمثلاً يقول أحدهم ما ابيش بمعنى ما ابيك وفي رأيي أيضاً أن ما ينطبق على حرف الجيم والقاف ينطبق أيضاً على حرف الشين والكاف للتأنيث . وبما أننا في سياق الحديث عن اللهجات يجب أن نتحدث عن موضوع آخر يتعلق باللهجات وهو موجود عند بعض القبائل في الشمال كقبيلة شمر وقبيلة عنزه ...الخ وهو موضوع التأنيث والتذكير وللتوضيح أكثر نستشهد بأبيات للشاعر ممدوح الراوي في قصيدته المشهوره ( أموله ) حيث يقول :
عطـره يـذر العطـر على البساتين //// ثقله يسولف عن نسب..عن.. حـمـولــه!
فنلاحظ أن أول كلمه كانت في القصيده هي ( مرّت ) وهو دليل على أنه يتحدث عن أنثى ولكن نلاحظ القافيه ( وقفوا له ) وليس وقفوا لها مع أن القصيده تتحدث عن أنثى وهذا ما يدعونا للسؤال عن صحة إستخدام هذه الكلمه في القافيه خصوصاً وأن الشاعر هنا من جيل الشباب الواعي والمثقف , ولكن عندما ننظر للبيت الثاني في القصيده نجده يقول ( عطره ) وليس ( عطرها ) مما يؤكد أن الشاعر لم يتعمد أن يستخدم صيغة التذكير في كلمة ( وقفوا له ) , مع أنني شخصياً أحبّذ أن لا تطغى اللهجه بهذه الدرجه على مفردات القصيده . وفي سياق اللهجات والقافيه نلاحظ أن بعض القبائل في نجد تستبدل الياء بحرف الألف كــ قبيلة عتيبه فمثلا نجد كلمة عتيبه نفسها ينطقها البعض ( عتيبه ) وينطقها البعض ( عتابه ) ونلاحظ ذلك عندما تكون قافية القصيده على حرف الالف والباء والهاء ( كتابه , شبابه ) فهنا نجد البعض يورد كلمة ( عتابه ) وهو يقصد عتيبه بل إن بعض القصائد نجدها تكون صدراً ( ابه ) وعجزاً ( يبه ) فنجد بعض الشعراء لايجد مضاضة من أن يورد في الصدر ( عتابه ) وفي العجز ( عتيبه ) وأرى أنه من المفترض محاولة التقليل بشكلٍ عام من الإعتماد على اللهجات الإقليميه ومحاولة توسيع نطاق اللهجه لكي تكون مفهومه بشكل أكبر لدى المتلقي .
عوده لاستكمال موضوع القافيه
وكما قلنا سابقاً عن قافية الصدر والعجز فإننا لا ننسى أيضاً أن نشير إلى أن هناك عدداً من البحور التي تعوّد الشعراء على كتابتها( مهملة القافيه ) وهذا المصطلح يعني الإكتفاء بقافيه ثابته للعجز مع إهمال قافية الصدر بشرط أن يكون مطلع القصيده موّحد القافيه ,, ومن هذه البحور الشعريه ( الهلالي , الصخري ) وكمثال على ذلك يقول الشاعر عبدالهادي بن راجس :
عفا الله عن عينٍ تكدّر منامها //// تذكّرت لذاتها وانسجامها
تذكّرت وقتٍ لها فيه قيمه //// أيام تلقى فالرجال احترامها
وهنا نلاحظ أن البحر ( هلالي ) والقافيه من أربع أحرف ( امها ) وهي ميزه تكاد تكون قاعده في البحر الهلالي ( قافية الأربع أحرف ) ,, ونلاحظ أيضاً أن قافية الصدر مهمله كما أشرنا بينما قافية العجز ثابته ,,, وما ينطبق على البحر ( الهلالي ) من إهمال قافية الصدر ينطبق على بحر ( الصخري ) حيث يلتزم الشاعر بقافية العجز فقط ومثال ذلك
قليل العرف معرفته خساره //// تشوف برفقته هم ومراره
يشوف الكذب عادي في حياته //// بوقت الجد كلماته عياره
حيث نلاحظ هنا أن الإلتزام جاء في قافية العجز فقط بدون الالتزام بقافية الصدر .
ومن الأمور التي تجدر الإشاره إليها في موضوع القافيه هو أن هناك بعض القصائد التي تحتوي على أكثر من قافيتين حيث تسمى ( وقفات ) ولعل أشهر من كتب في مثل هذه القصائد الشاعر الكبير احمد الناصر الشايع ومثال ذلك
يزول عنك الباس / ياللي شكيته // ليت السلامه تنشرى عن ونتك نفداك /// بالحال والمال //// جميع ما تملك يدي
بين الرجا والياس/ وقتي قضيته // ما باع حظي واشترى ما اقدر على فرقاك/// والحب غربال //// ابديت جهدي وجهدي
نلاحظ هنا أن كل بيت يحتوي على ست ( وقفات ) مفرقه بين الصدر والعجز بواقع ثلاث وقفات لكل شطر وهي تحسب حساب ( لزوم ما لايلزم ) .
وآخيراً في الحديث عن موضوع القافيه نقول أن هناك بعض القصائد النادره والتي تلتزم بقافيه واحده في كل أشطر القصيده حيث تذكرنا بقصائد الرجز في الشعر العربي الفصيح في صدر الاسلام ومثال ذلك لشاعر اماراتي لايحضرني اسمه
يا طارشي ود السلام ورده للي عيونه والهدب مسوّده غالي ويتزايد بقلبي ودّه
إلى نهاية القصيده ,,, حيث نجد أن القصيده ملتزمه بحرفي الدال والهاء في كل شطر مع تقسيم القصيده إلى مقاطع يتكون كل مقطع من ثلاث أشطر .
إلى هنا ينتهي الحديث عن القافيه
ثانياً 2- الوزن :
يعتبر الوزن ركناً أساسياً من أركان الشعر فبدونه لاتسمى القصيده قصيده ولا يصبح للبيت جماليه بل يصبح وكأنه كلام منثور ,, وبالوزن يتبين الفرق بين الشاعر وغير الشاعر ,, فكل أنسان يستطيع أن ينظم جملة مفيده أو خاطره تعبر عن مشاعره ولكن الشاعر فقط هو من يستطيع أن يحكم كلامه بوزن معين يسهّل من حفظ كلامه ( شعره ) ويجعله قابلاً للإعجاب وللروايه ,, فعندما يسمع أحدنا خبراً أو قصه فإنه قد يرويها للغير ولكن بأسلوبه الخاص مع تغيير بعض المفردات أوتقديم جمله على جمله وحرف على حرف , ولكن الشعر ينقل كما هو بدون تغيير أو تحريف على الرغم من أن بعض الرواه الحاذقين والفاهمين في الشعر عندما ينسى كلمة معينه وهو يلقي قصيدة له أو لغيره نجده يستبدلها بكلمه مشابهه لها ولكنها لاتخرج البيت من إطار الوزن الذي نظم عليه الشاعر ,, وقبل الدخول في شرح وزن الأبيات الشعريه والبحور التي ينظم عليها الشعر يحسن بنا أن نوضح المعنى الواضح عند قولنا ( الوزن ) أو وزن البيت أو القصيده , فالوزن وكما هو واضح مأخوذ من الميزان الذي تتوازن فيه الكفتان فلا تزيد إحداها على الأخرى , وكذلك البيت الشعري فيجب أن يتوازن الشطر الأول ( الصدر ) من كل بيت مع الأشطر الأولى من بقية الأبيات وكذلك بالنسبه للشطر الثاني ( العجز ) من البيت حيث يجب أن يكون متوازناً مع الأشطر الثانيه من الأبيات , وقد يخطيء البعض عندما يعتقد أن الشطر الأول يجب أن يكون متوازناً مع الشطر الثاني من البيت ,, كما أن هناك تصوراً خاطئاً لدى بعض العوام والمبتدئين بالشعر حيث يعتقدون أن وزن البيت يكون بحساب عدد الأحرف في كل شطر ومساواتها مع بعض وهذا بالطبع لا صحة له ولا علاقة له بالوزن على الإطلاق . وقبل أن نتحدث عن الوزن يجدر بنا أن نذكر أن بحور الشعر الفصيح التي اكتشفها الخليل بن احمد الفراهيدي لا تنطبق كلياً على الشعر الشعبي وانما هناك بعض البحور الفصيحه يمكن أن يُكتب عليها بالشعبي وفي المقابل هناك بحر وحيد موجود في الشعر الشعبي ولا يوجد في الشعر الفصيح وهو ما سنتطرق له عند حديثنا عن هذا البحر ,, وحديثنا هنا سوف يكون منصباً على الشعر الشعبي في الجزيره العربيه بعيداً عن الشعر الشعبي أو العامي في البلاد العربيه الأخرى على الرغم من أن الشعر العامي في البلدان العربيه لا يخرج عن كونه نابع من بحور الخليل بن أحمد وسوف أضرب هنا مثالاً بسيطاً على مقطع شعري لإحدى أشهر أغنيات المطربه أم كلثوم ( حب إيه ) حيث يقول المقطع :
حب إيه اللي انت جاي تقول عليه //// إنته عارف قبل معنى الحب إيه
فهذا البيت الشعري هو على بحر الرمل وهو منتشر بكثره في الشعر الشعبي ومثاله في الشعبي :
آه واويلاه من عمٍ ظلوم /// بعد ما ابويه رقد تحت التراب
ويمكن غناء المقطع الذي غنته أم كلثوم على نفس لحن الأغنيه الشهيره ( عمٍ ظلوم ) والتي تغنى بها الفنان بدر الغريب , كما يمكن بالطبع غناء الأغنيه ( عمٍ ظلوم ) على نفس لحن الفنانه أم كلثوم في أغنية ( حب إيه )
بحر المسحوب :
أمّا .. وزنه فهو(( مستفعلن مستفعلن فاعلاتن )) .... وهو الصورة النبطيّة .. لمرفل بحر السريع ويعد هذا البحر من أكثر البحور الشعريه استخداماً بين الشعراء نظراً لسهولة الكتابه عليه حتى أن البعض أطلق عليه لقب ( حمار الشعراء ) وعلى الرغم من أن هذا البحر متوافق مع بحور الخليل بن أحمد إلا أن الكتابه عليه قد تأخرت قليلاً وكما ذكر أستاذنا ابراهيم الخالدي في كتابه ( طورايق النبط ) فلا صحة لما يردده البعض من أن الشاعر محمد بن لعبون هو أول من كتب عليه ,, ولكن الصحيح أن ابن لعبون هو الذي أشهر هذا البحر عندما كتب عليه قصائد كثيره ولكنه لايحمل الأولويه في الكتابه عليه . ولشرح هذا البحر سوف أورد عدداً من الأبيات من قصائد مغناه لكي يستطيع المبتديء في كتابة الشعر من الغناء مع هذه الأبيات واستنباط الوزن كما ينبغي وكما هو معلوم فإن غناء الأبيات طريقه سهله لمعرفة دقة الوزن من عدمها وإن لم تكن الطريقه الوحيده ,, وهنا بعض الأمثله :
( 1 ) وش تنتظر يا محرق القلب بالنار //// ما تستلم روحي وتقضي عليها ( 2 ) يا ليل خبرني عن امر المعاناه //// هي من صميم الذات والاّ اجنبيّه ( 3 ) يا نار شبّي من ضلوعي حطبكي //// صابر على نار الموده وممنون ( 4 ) قلبي معك يا مشغل البال ملتاع //// ياللي تدوّر ما يزيد التياعي ( 5 ) يا جر قلبي جر لدن الغصوني //// وغصون سدرٍ جرّها السيل جرّا
وسوف نتناول هنا بعض هذه الأمثله بشيء من التفصيل :
( 1 ) وش تنتظر يا محرق القلب بالنار /// ما تستلم روحي وتقضي عليها
عند غناء هذا البيت على أي لحن من ألحان الأغنيات السابقه سنجد أن هذا البيت يتماشى تماماً مع أياً منها وهو ما يدل على أن هذا البيت سليم وزنياً ولا يعاني من أي مشكله ,, ولكي يستطيع المبتديء من إحكام قبضته الوزنيه على هذا البحر سوف أقوم بتغيير بعض الكلمات في البيت ومن ثم محاولة الغناء لمعرفة دقة الوزن من عدمها
وش تحتري يا محرق القلب بالنار //// ما تستلم روحي وتقضي عليها
نجد هنا أننا باستبدال كلمة تحتري بدلاً من تنتظر أن الوزن ما يزال سليما وأن غناء البيت بصورته الحاليه ممكن وبسهوله فلا وجود لكسر في هذا البيت
وش تنتظر يا متلف القلب بالنار ///// ما تستلم روحي وتقضي عليها
نجد هنا أيضاً أن الوزن ما يزال محافظاً على جودته ويتضح ذلك بغناء البيت
وش تنتظر يا محرق القلب بالهون //// ما تستلم روحي وتقضي عليها
نجد هنا أن الوزن لم يتأثر أيضاً وكذلك لو استبدلنا كلمة ما تستلم ووضعنا بدلاً منها ما تشتري ,,,, ومما سبق نلاحظ أن تغيير مفردات في أي بيت شعري يجب أن تكون بنفس الدقه الوزنيه ( تنتظر = تحتري ) ( محرق = متلف ) ... الخ ولكن ماذا لو استبدلنا أي مفرده من البيت بدون مراعاه للوزن ؟؟ لنضرب مثلاً بسيطاً ونقول :
وش تنتظر يا محرق ( العاشق ) بالنار //// ما تستلم روحي وتقضي عليها
نلاحظ هنا أننا قمنا بتغيير كلمة ( القلب ) ووضعنا بدلاً منها كلمة ( العاشق ) , عند غناء هذا البيت سنلاحظ أن الغناء يتوقف في كلمة ( العاشق ) وتحديداً بعد نطقنا لحرف العين , إذ لايمكن أن ننطق الألف بنفس اللحن وهو ما يعني أن ثمة كسراً قد وقع وأن البيت قد اختل وهو الأمر الذي يدعونا لحذف حرف الألف المتسبب في هذا الخلل الوزني , وبما أن الكلمه الجديده ( العشق ) لها معنى وارد فإننا نجرّب الغناء لنكتشف أن البيت يصبح موزوناً عندما نقول :
وش تنتظر يا محرق العشق بالنار /// ما تستلم روحي وتقضي عليها
ونلاحظ هنا أن ( القلب = العشق ) وزنياً وهو ما يؤكد أن البيت أصبح موزوناً . المثال الثاني :
( 2 ) ياليل خبرني عن امر المعاناه //// هي من صميم الذات والاّ اجنبيّه
سنجري هنا في هذا البيت أكثر من تعديل دفعة واحده ليصبح البيت :
يا صبح علمّني وش اصل المناجاه ///// هي من صميم الذات والا اجنبيه
نجد هنا وعند غناء البيت أن الوزن لم يتأثر بهذه التغييرات والسبب في هذا واضح ( يا ليل = يا صبح ) , ( خبّرني = علمّني ) , ( عن = وش ) , ( أمر = أصل ) , ( المعاناه = المناجاه ) ,,, ولكن ماذا لو عملنا في البيت الأصلي تغييرات عشوائيه فقلنا مثلاً
يا ليل قلّي عن امر المعاناه //// هي من صميم الذات والاّ اجنبيّه
نحاول بغناء البيت لنرى دقة الوزن هنا ونلاحظ أن البيت سيتوقف إجبارياً بعد كلمة قلّي حيث نجد صعوبه في نطق كلمة عن بنفس وتيرة اللحن وهو الأمر الذي يجعلنا نحاول أن نغيّر كلمة عن بكلمه مناسبه لها في المعنى أو قريبه منه فنقول مثلاً :
يا ليل قلّي وش امر المعاناه ///// هي من صميم الذات والا اجنبيّه
نلاحظ هنا أن البيت بدأ في الإعتدال وزنياً ولكن ليس بصوره كامله حيث يحتاج لبعض التعديلات الطفيفه وعلى سبيل المثال :
يا ليل قلّي ويش أمر المعاناه ///// هي من صميم الذات والا اجنبيّه
وهنا نلاحظ أن الوزن استقام عندما أضفنا حرف الياء ( ويش ) وكذلك الهمزه ( أمر ) ولكن نلاحظ هنا أن البيت أصبح ركيكاً في النطق ويفتقد للسلاسه على الرغم عن كونه موزوناً فنقول
يا ليل قلّي وش هو امر المعاناه //// هي من صميم الذات والا اجنبيّه
وهكذا يصبح البيت سليماً من ناحية الوزن وكذلك سلساً عند نطقه .
ملاحظه : الإخوه المبتدئين في كتابة الشعر أو من يعانون من عدم إتقان الوزن ربما تكون الطريقه الأفضل والأسهل لجعل الوزن أكثر سهوله هي ما قمنا بها هنا حيث يقوم الشخص بغناء بيت من أغنيه ثم يحاول أن يستبدل الكلمات في البيت ليرى كيف يختل الوزن وكيف يستقيم وهو ما يعطي الشخص مهاره موسيقيه تجعله يتقن الوزن مع الممارسه ..