يلاحظ أن الإنسان كلما كان أفقه واسعاً ونظرته بعيدة ، وتفكيره ناضجا لم ينظر إلى المرأة من جهة واحدة أو - كما يقال - من بعد واحد ، وإنما ينظر إليها نظرة تكاملية من جميع الزوايا ، وفي ذلك سبب للتآلف والتقارب والود والرحمة والصفح والعفو ، روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر أو قال غيره ". من مظاهرة المرأة المثالية : تظهر المرأة بوضوح وتكامل في هذا النص العظيم : روى الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : سئل النبي صلي الله عليه وسلم أي النساء خير ؟ قال : " التي تسره إذا نظر إليها وتعطيه إذا أمر ، ولا تخالفه فيما يكره في نفسها ولا في ماله ". روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده ". ففي هذين الحديثين يبرر لنا تكاملية المرأة المثالية وتوازن شخصيتها : 1- فهي تسرّه إذا نظر ، وهذا بمعنى العناية في الجمال وحسن المظهر ، وهذه أشياء مستلزمة لكل إنسان وهي فطرة . 2- وتعطيه إذا أمر : فهي موافقة للرجل وتوافقها معه في جميع أحواله ، فملائمة المرأة للرجل وانسجامها معه ومعرفتها بطبع زوجها وتكيفها له من أقوى أسباب السعادة الزوجية وهو أبرز جوانب المرأة المثالية . 3- بعدها عن مواطن الريب ومواضع التهم أمان لقلب زوجها وبعد للشك فيها ، وحماية لها من القلوب المريضة وهذا أصل أركان المرأة المثالية ، فلا تخلو برجل غير محرم لها ، ولا تخضع له بالقول ، ولا تطيل معه الحديث . 4- ليست مسرفة في طعامها وشرابها ولباسها ، وليست متكلفة لزوجها ما لا يطيق ، وليست تقليدية تابعة في مؤخرة الركب همها : ماذا لبست فلانة واشترت علانة ، بل تعد نفسها راعية ومحافظة على مال زوجها . 5- تضفي حنانها على أولادها ؛ فتكسب البيت كله حنانا ، فليست شتامة لأولادها ولا غليظة همّها الدعاء عليهم ، ولا مضيعة لتربيتهم لا تترك أولادها للخدم أو الشارع مقابل أن ترتاح من شغبهم وأذاهم ، فهي راعية في البيت وحق على الراعي العناية برعيته : " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، وقد جعل الإسلام مقابل أتعابها ورعايتها ثلاثة حقوق على الأبناء ، بينما فاز الأب بنصيب واحد . ومن صفات المرأة المثالية - أيضا - : 6- ليست أنّانة ومتمارضة ، فلا تكثر الشكوى ولا تتمارض من كل عارض أو وعكة خفيفة ، فالزوج لا يرغب أن يعيش في مستشفى ، ويتطلع عند رجوعه من البيت إلى امرأة تزيد من همه وغمه . 7- ليست منّانة تذكر كل حسناتها وما فعلته وتجير بعض مصالحها وأعمالها الشخصية بأنها من أجل زوجها ، فإن صنعت تريده قالت : من أجلك فعلته . 8- بعيدة عن الروتين والجمود على حال واحدة : عن تغيير الروتين في المنزل من أسباب تقنية الأجواء وتحسينها ، سواء كان ذلك في أثاث المنزل أو في اللباس ، أو العادات في الأكل والشرب ، فهي امرأة متجددة دائما . 9- ليس للفراغ إليها سبيل ، فلا تعيش في كوكبة من الخدم ، بل تقوم بأعمال بيتها بنفسها ، وأين الفراغ لمثل هذه وكيف سبيله إليها ؟ إذ إن الفراغ والكسل من أكبر أسباب الركود في العلاقات الزوجية ، ومن دواعي الشيطان في التذكير بالحقوق المضاعة وتضخيمها . 10- تتمثل – عملياً - قول ابن عمر : "البر شيء هيّن وجهٌ طليق وكلامٌ ليّن " ، فهي بشوشة ، طليقة الوجه ، حلوة الخطاب والحديث ، لا يعرف التعبيس له طرقا إليها ، ولا الخشونة سبيل عليها . 11- إن المرأة المثالية هي التي تجدد حياة زوجها وتبعث الهمة والثقة والطمأنينة في قلبه ، وتحثه على الإقدام على الخير وترغبه فيه وتقف بجانبه ، كما قال أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - لرسول الله صلى الله عليه وسلم :" كلا والله لايخزيك الله أبداً ". 12- كلما حقق هدفا تفتح له أفاقا أخرى وهدفا آخر ليرتقي في تحقيقه ، وتقف بجانبه حتى يتحقق هدفه ، وتبث فيه روح الحماسة والأمل ، كما وقفت خديجة - رضي الله عنها - ، ووقفت زوجات المهاجرين إلى أرض الحبشة . ومن البلاء تباين الأهداف والهمم فيما بين الرجلل والمرأة ، فبينما أحدهما ذوهمة رفيعة عالية إذا بالآخر همته دنيئة ساقطة همة في الثرى وهمة في الثريا . 13- تتفهم الرجل وتحاول التكيف معه ، وتحسن الاستماع إليه ، فهي تدرك بأنه لا يمكن التوافق والتماثل في جميع الصفات بين أي رجل وامرأة ، فلابد من التنازل وتخطي العقبات وتجاوز الهنّات وعدم المحاسبة على الصغير والقطمير. فهي مرنة مع زوجها داخل في حسابها جميع الطوارئ مستعدة للتكيف معها ، فإن نقل إلى مكان انتقلت معه ، وإن لم يستطع البقاء في منزل ارتحلت معه ، غير متشبثة ببلد ، ولا متمسكة بمكان . 14- كتومة لا تفشي له سرًّا ، حديثها مع زوجها لا يتعدى حيطان حجرتها ، تستصغر أولئك النسوة اللاتي حديث زوجها عند كل الناس في العطاء والمنع ، والفرح والحزن ، وهذا من أقبح الصفات .